الإنسان والبيئة الفصل الأول

من طرف **wissam** الثلاثاء سبتمبر 22, 2015 10:31 pm

كتاب الإنسان والبيئة للسنة الثالثة ثانوي (أدبي) المنهج الليبي

الفصل الأول
مفهوم البيئة وأهميتها

تعريف البيئة وماهيتها:
البيئة هي ذلك الوسط أو المجال الذي يعيش فيه الإنسان والذي يشمل كافة الجوانب المنظورة وغير المنظورة الطبيعية منها والبشرية. وقد يشمل هذا الوسط منطقة كبيرة جداً وقد تضيق دائرته بحيث لا تتعدى رقعة البيت الذي يسكنه الإنسان.
ويهتم علم البيئة بدراسة العلاقات والتفاعلات المشتركة التي تحدث بين الكائنات الحية وبينها وبين مختلف عناصر البيئة المحيطةبها.
وقد أصبح لعلم البيئة جذور متشعبة في العديد من العلوم الأخرى ومن الصعب فصله عنها، فهو مرتبط بكل فروع علم الجغرافيا (الأرض والمياه والمناخ والسكان) وعلوم الأحياء والعلوم الطبيعية والصيدلانية والزراعية وعلوم الكيمياء والفيزياء وعلوم الإحصاء والحاسوب والعلوم الهندسية والإجتماعية.

أهمية البيئة:
إن حياة الإنسان محكومة بنوع البيئة وعناصرها المختلفة فهو يتأثر بقوانينها ونظمها وإمكاناتها ويتجلى ذلك في الحقائق الآتية:
1- الأهمية العلمية والثقافية للبيئة:
إن المواهب الثقافية والإبداعات العلمية والمقومات الوجدانية للبشر لها علاقة وثيقة باختلاف المناخ البيئي وبنوع البيئة التي يحيا عليها الإنسان.
فسكان المناطق المعتدلة الباردة يمتازون باعتدال أمزجتهم التي تتجلى في تحكيم العقل وضبط النفس والخيال الخصب وتذوق الجمال والفن والقدرة على التفكير الهادئ الهادف والتعمق في دراسة الحقائق والقدرة على إدراكها لذلك فإن سكان هذه البيئة برزوا في ميدان الاختراع والاكتشاف فضلاً على تقدمهم الفكري والفلسفي.
أما سكان المناطق الحارة فهم على النقيض من ذلك، فقد اكسبتهم بيئتهم الحارة صفة التسرع والانفعال حيث إن قدرتهم على ضبط النفس وتحكيم العقل في حدودها الدنيا، ولذلك سرعان ما تنشب بينهم المعارك لأتفه الأسباب، كما رسخت فيهم بيئتهم الكسل والخمول وعدم الميل للحركة فعاشوا فقراء رغم غنى مناطقهم، واكتفى بعضهم باحتراف السلب والنهب.
أما سكان بيئة الصحاري والجبال فقد أعطتهم بيئتهم صفة الشجاعة والكرم والتعاون والتماسك بالروابط الأسرية القوية التي تعينهم على تحمل قسوة البيئة وشظف الحياة وتُنمي فيهم سعة الأفق والخيال وتشحذ هممهم وقرائحهم فكان منهم الشعراء والأدباء والفرسان.
2- الأهمية الاقتصادية والعمرانية للبيئة:
لكل بيئة خصائص ومميزات تجعلها تتبوأ مكاناً اقتصادياً معيناً بما تحوي في طياتها من مقومات طبيعية وبشرية، وعلى أساسها تتحدد طبيعة الاستغلال الاقتصادي ولذلك فإن كلاً من البيئات الزراعية والصناعية والتجارية تمتاز بنوع خاص من النشاط والعمران.
3- الأهمية الصحية للبيئة:
تترك البيئة بصماتها واضحة جلية على صحة الإنسان فلكل بيئة أمراضها المحددة التي تصيب سكانها ومن يخالطونهم، يطلق عليها الأمراض المتوطنة، ففي نطاق السفانا والغابات المدارية الأفريقية أو في المناطق شبه الصحراوية المجاورة، كثيراً ما تظهر الأوبئة التي تنقلها بعض الحيوانات مثل القردة التي تنقل فيروس الحمى الصفراء وذبابة تسي تسي التي تنقل مرض النوم، ومرض الملاريا الذي تنقله أنثى البعوض الأنوفيلس (Anopheles)، أما أمراض الأقاليم الباردة فهي تشمل الأنفلونزا والروماتيزم والتهاب الحنجرة والسعال ولين العظام.

بعوضة الملاريا

الإنسان والبيئة الفصل الأول Mvkspv

ذبابة التسي تسي

الإنسان والبيئة الفصل الأول 2d2pg4

موطنها الاساسي في قاره افريقيا كما هو موضح

ولاشك أن لهذه الأمراض الأثر في خفض القدرات الفكرية والذهنية والدفاعية بل والحياتية لسكان تلك المناطق، وكل ذلك ينعكس على قدراتهم الاقتصادية.
إذن فإن الإنسان ابن بيئته الطبيعي والثقافية والإجتماعية وأنه يتأثر بها ويؤثر فيها، كما إن حركته فيها تعتمد على نوع العلاقة التي تربط بينه وبين البيئة.

النظم البيئية الطبيعية:
يعتبر النظام البيئي الطبيعي أكثر النظم الطبيعية تعقيداً، وتشعباً، بسبب تعدد مكوناته وتشابكها وتفاعلها مع بعضها البعض، وفي نفس الوقت تتفاعل مع الظروف البيئية بحيث تؤثر وتتأثر ضمن هذا النظام.
وتتكون النظم البيئية الطبيعية من مكونات حية مختلفة ومكونات غير حية يكوّن جميعها نظاماً ديناميكياً متوازناً.
وللإنسان كأحد مكونات هذا النظام مكانة خاصة نظراً لتطوره الفكري والنفسي إلى حد ما على هذه النظم البيئية وعليه تتوقف المحافظة على هذه النظم، وعدم استنزافها أو إفسادها، لأجل إشباع حاجاته وتلبية رغباته، لأطول مدة ممكنة.

1- المكونات غير الحية للبيئة:
تتصف المكونات غير الحية للبيئة بخلوها من مظاهر الحياة، ولكنها إحدى العوامل المهمة في وجود الحياة واستمراريتها، ومن أهمها:
‌أ- عناصر المناخ: (الحرارة والرطوبة والرياح والضوء).
‌ب- عناص التربة والمياه وخصائصها الكيماوية والفيزيائية والحيوية.
‌ج- العناصر الكيماوية: كالأكسجين والمغذيات النباتية والحيوانية غير العضوية.
‌د- العناصر الفيزيائية كالجاذبية والإشعاع.
‌ه- المعادن المختلفة والصخور بأنواعها.
ويطلق على المكونات غير الحية مجموعة الثوابت أو مجموعة الأسس لأنها تضم مقومات الحياة الأساسية.
2- المكونات الحية للبيئة:
تشمل هذه المجموعة جميع المخلوقات الحية من حيوان ونبات وأحياء دقيقة وتتصف بوجود مظاهر الحياة كالغذاء والنمو والتكاثر.
ويختلف اعتماد المخلوقات الحية على المكونات غير الحية تبعاً لنوعية المخلوق الحي حيث يوجد لكل نوع من أنواع هذه المخلوقات متطلبات معيشية محددة تشمل عناصر المكونات غير الحية والتي لا بد من توفر الحد الأدنى منها حتى تستطيع المكونات الحية النمو والتكاثر.
ويمكن تصنيف هذه المجموعة حسب طريقة تغذيتها إلى الأنواع الآتية:
‌أ- المخلوقات المنتجة:
وهي المخلوقات ذاتية التغذية أي النباتات الخضراء بكل أنواعها ابتداءاًمن الطحالب إلى الأشجار الضخمة ولهذه النباتات القدرة على صنع غذائها بنفسها عن طريق تحويل المركبات غير العضوية ذات الطاقة المنخفضة من ماء وثاني أكسيد الكربون إلى مركبات عضوية ذات طاقة مرتفعة كالسكريات بواسطة عملية البناء الضوئي، ويتم عن طريق امتصاص النباتات الخضراء لغاز ثاني أكسيد الكربون من الجو المحيط بها بواسطة ثغرات الأوراق وامتصاص الماء من التربة عن طريق جذورها، أما النباتات الخضراء المغمورة في الماء فهي تستفيد من غاز ثاني أكسيد الكربون المذاب في الوسط المائي.
كما تعد بعض أنواع البكتيريا مخلوقات حية منتجة ذاتية التغذية تحصل على غذائها أو طاقتها كيماوياً عن طريق عملية البناء الكيماوي باستخدام مركبات كيماوية معينة دون الحاجة الضوء، فمثلاً تقوم بعض أنواع البكتيريا بأكسدة الحديدوز إلى حديديك، وينتج عن هذه التفاعلات التأكسدية طاقة يمكن استخدامها في البناء العضوي.

‌ب- مخلوقات مستهلكة:
وهي مخلوقات حية غير ذاتية التغذية وتعتمد في تغذيتها على المواد العضوية المنتجة من قبل المخلوقات ذاتية التغذية بصورة مباشرة أو غير مباشرة لأنها غير قادرة على إنتاج مركباتها العضوية اللازمة للأغراض الغذائية الأساسية، وتشمل هذه المجموعة الحيوانات والبكتيريا والفطريات. وتصنف المخلوقات الحية المستهلكة حسب مصدر غذائها إلى الأنواع الآتية:
• آكلة النبات:
وتشمل المواشي والقوارض وبعض أنواع الطيور والحشرات وطفيليات النباتات وبعض الأحياء المائية التي تتغذى على الهوائم النباتية (الطحالب). ويطلق على هذه المجموعة المستهلكات الأولية.
• آكلة اللحوم:
وهي مخلوقات حية مستهلكة تتغذى على اللحوم (المفترسة) وتشمل عدة أنواع حيث أن بعضها يتغذى على الحيوانات آكلة العشب كالذئاب والأسود ويطلق عليها مستهلكات ثانية وبعضها الآخر على غيره من الحيوانات آكلة اللحوم كالأسماك المفترسة ويطلق عليها ثالثة، وهكذا.
• آكلة النباتات واللحوم:
وهي مخلوقات حية مستهلكة تتغذى على النباتات واللحوم وهي بذلك يمكنها أن تكون مستهلكات أولية وثانوية في نفس الوقت مثل الإنسان الذي يأكل الخضروات يكون مستهلكاً أولياً، وعندما يضيف إلى وجبته لحوم آكلة العشب يصبح مستهلكاً ثانوياً، وإذا تغذى على لحوم حيوانات أكلة اللحوم فإنه يكون مستهلكاً ثالثاً، وهكذا ينطبق على العديد من المخلوقات الحية المستهلكة الأخرى.
أما الطفيليات التي تنتمي إلى مجموعة المستهلكين فهي تعد مخلوقات متخصصة غير ذاتية التغذية ولكنها تتطفل على المخلوقات الأخرى في غذائها.

‌ج- مخلوقات محللة (مفككة):
وتتضمن مخلوقات مجهرية تتمثل في الفطريات والبكتيريا وتقوم هذه المجموعة بعملية تكسير أو تحليل المواد العضوية "نباتية أو حيوانية" ولهذا يطلق عليها المحلّلات. وهناك من يضعها تحت قائمة المستهلكين الصغار تمييزاً لها عن مجموعة المخلوقات الحية المستهلكة، بينما لا يعتبرها البعض من صنف المخلوقات المستهلكة تحت أي مسمى لأنها لا تتناول طعاماً جاهزاً بل إنها تقوم بتحليل المخلوقات الحية بعد انتهاء عملية التحليل الذاتي التي تحدث داخل المخلوق الحي بعد موته مباشرة وذلك للحصول على الطاقة اللازمة لحياتها، وتشمل هذه المجموعة الفطريات والبكتيريا وبعض الحيوانات الأولية وغيرها من المخلوقات المجهرية التي تمتص ما تحتاج إليه من مواد عضوية محللة عن طريق غشائها الخلوي المباشر، كما تقوم هذه المخلوقات بتفكيك بقايا المخلوقات الحية النباتية والحيوانية وتحويلها إلى مركبات بسيطة تستفيد منها النباتات في تغذيتها.

وتصنف المخلوقات المحللة إلى ثلاث أنواع حسب متطلبات الأكسجين هي:
• المخلوقات الحية الدقيقة الهوائية:
وهي التي تحتاج إلى أكسجين كافٍ لاستمرار حياتها ونشاطها وإنجاز عملية التحلل الهوائي التي تشبه عملية التنفس داخل الخلايا الحية إذ تتحلل المادة العضوية إلى ثاني أكسيد الكربون والماء وهي أيضاً عكس تفاعل التمثيل الضوئي من حيث المتطلبات والمنتجات النهائية للتفاعل لذا يعرف التحلل الهوائي أحياناً بتنفس النظام البيئي.
• المخلوقات الدقيقة اللاهوائية:
وتحتاج لاستمرار حياتها ونشاطها وسطاً لا يتوفر به الأكسجين مثل بكتيريا الميثان التي تحلل المواد العضوية والكربونات إلى غاز الميثان في بيئة ينعدم فيها الأكسجين، وفي حالة وجود الأكسجين تموت لأنه يعتبر غازاً ساماً لها.
• المخلوقات الحية الدقيقة الاختيارية:
وهي تلك المخلوقات التي تستطيع أن تكيف نفسها حسب الوسط الذي تعيش فيه، فإذا توفر الأكسجين كانت هوائية وإذا لم يتوفر أصبحت لا هوائية مثل بكتيريا التربة.

ويتوقف دور المخلوقات المحللة على نوع التربة ونسبة الرطوبة ومعدلات الحرارة والمادة الغذائية وغيرها من العوامل البيئية.

ويمكن أن نتصور النظام البيئي الطبيعي على هيئة حلقات متصلة مع بعضها البعض، وتشكل دورة تمثل الحلقة الأولى المخلوقات المنتجة التي تستمد طاقتها من أشعة الشمس، وتقوم بإنتاج المواد العضوية بواسطة عملية التمثيل الضوئي، وتعد هذه الحلقة المحرك الرئيسي لدورة النظام البيئي.
أما الحلقة الثانية فهي المخلوقات الحية المستهلكة التي تعتمد في حياتها على المواد العضوية.
وتشكل الحلقة الثالثة المخلوقات المحللة التي تقوم بتحليل المواد العضوية إلى ماء وغاز ثاني أكسيد الكربون ونترات وفوسفات بالإضافة إلى أيونات أخرى تعود إلى الحلقة الأولى المنتجة ويعاد استعمالها وبذلك تغلق الدورة شكل (1)، وبالتالي ليس هناك تراكم للفضلات في الدورة البيئية المتكاملة لأن كل شيء سيستعمل من جديد، وبهذا نجد أن كل مخلوق حي جزء من النظام البيئي ويساهم في توازنه.

شكل (1) دورة النظام البيئي الطبيعي

وبعد هذا العرض الموجز لمفهوم ونظم البيئة الطبيعية يتضح لنا أن النظام البيئي عبارة عن مجموعة من العلاقات المباشرة وغير المباشرة للمخلوقات الحية مع المحيط الذي تعيش فيه.

ملخص الفصل الأول من كتاب الإنسان والبيئة

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

الإثنين	الثلاثاء	الأربعاء	الخميس	الجمعة	السبت	الأحد
1	2	3	4	5	6	7
8	9	10	11	12	13	14
15	16	17	18	19	20	21
22	23	24	25	26	27	28
29	30